غزة والجدار العازل وهجرة مسيحى الاراضى المقدسة والسلام
وعظة متوهجة فى ليلة الميلاد
القاها بطريرك اللاتين فؤاد الطوال
فى قداس العيد
بحضور الرئيس ابو مازن
عظة عيد الميلاد 2009
القاها
غبطة البطريرك فؤاد طوال
--------------------------------
سيادة الرئيس محمود عبّاس جزيل الاحترام
دولة رئيس الوزراء سلام فيّاض جزيل الاحترام
حضرات القناصل جزيلي الاحترام
أيها الأبناء الضيوف والحجاج الكرام،
أحيي أولا سيادة الرئيس محمود عباس، رئيس كل الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، الذي أبى إلا أن يشاركنا في احتفالات الميلاد. أشكركم سيادة الرئيس والوفد الرفيع المرافق لكم، لحضوركم بيننا في هذه الليلة المباركة. نعتز بمواقفكم النبيلة وحكمتكم ومساعيكم الشجاعة لنصرة الحق الفلسطيني في المنابر الدولية ولنصرة الضعفاء في هذا البلد. وفقكم الله ووجه خطواتكم وقراراتكم.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
"وفيما كان يوسف ومريم في بيت لحم، تمّت أيام ولادتها، فولدت ابنها البكر، فقمّطته وأضجعته في مذود" (لوقا 2 : 6).
باسم طفل بيت لحم، المولود فقيراً لاجئاً مع والديه يوسف ومريم إلى مغارة تقيه برد الليل، وباسم زملائه الكثيرين، الأطفال المشردين المزروعين في شوارع المخيمات – التائهين بين دمار غزّة، وكل اللاجئين، الذين لا مأوى لهم، أرحب بكم، مُردّدا كلمات الملاك السماوي إلى الرعاة الساهرين :"انّي أبشّركم بفرح عظيم يعمّ الشعب كله بل الشعوب كلها : وُلد لكم اليوم مخلّصٌ، وهو المسيحُ الربّ. واليكم هذه العلامة : تجدون طفلاً مقمّطاً مضجعاً في مذود" (عن لوقا 2 : 10 – 12) ."اليوم" يتحقق هذا الخلاص من جديد، انطلاقاً من هذه المدينة ومن هذه المغارة ومن المذود الذي سنحمل اليه الطفل الالهي في هذه الليلة المباركة!
سيادة الرئيس محمود عبّاس جزيل الاحترام
دولة رئيس الوزراء سلام فيّاض جزيل الاحترام
حضرات القناصل جزيلي الاحترام
أيها الأبناء الضيوف والحجاج الكرام،
أحيي أولا سيادة الرئيس محمود عباس، رئيس كل الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، الذي أبى إلا أن يشاركنا في احتفالات الميلاد. أشكركم سيادة الرئيس والوفد الرفيع المرافق لكم، لحضوركم بيننا في هذه الليلة المباركة. نعتز بمواقفكم النبيلة وحكمتكم ومساعيكم الشجاعة لنصرة الحق الفلسطيني في المنابر الدولية ولنصرة الضعفاء في هذا البلد. وفقكم الله ووجه خطواتكم وقراراتكم.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
"وفيما كان يوسف ومريم في بيت لحم، تمّت أيام ولادتها، فولدت ابنها البكر، فقمّطته وأضجعته في مذود" (لوقا 2 : 6).
باسم طفل بيت لحم، المولود فقيراً لاجئاً مع والديه يوسف ومريم إلى مغارة تقيه برد الليل، وباسم زملائه الكثيرين، الأطفال المشردين المزروعين في شوارع المخيمات – التائهين بين دمار غزّة، وكل اللاجئين، الذين لا مأوى لهم، أرحب بكم، مُردّدا كلمات الملاك السماوي إلى الرعاة الساهرين :"انّي أبشّركم بفرح عظيم يعمّ الشعب كله بل الشعوب كلها : وُلد لكم اليوم مخلّصٌ، وهو المسيحُ الربّ. واليكم هذه العلامة : تجدون طفلاً مقمّطاً مضجعاً في مذود" (عن لوقا 2 : 10 – 12) ."اليوم" يتحقق هذا الخلاص من جديد، انطلاقاً من هذه المدينة ومن هذه المغارة ومن المذود الذي سنحمل اليه الطفل الالهي في هذه الليلة المباركة!"ولد لنا اليوم مخلص، هلموا نسجد له"
" وُلدَ لنا اليوم... وكلمة "اليوم" التي قالتها السماءُ للأرض، قبلَ ما يزيد على ألفينِ وتسعِ سنوات، هي يومُنا هذا الحاضر، وهي جميعُ أيامنا الآتية، لأن "المسيح هو هو أمسِ واليومَ والى الابد" (عن عبرانيين 13 :8).
زَمَنُنا نحن البشر، هو "حاضرٌ يفنى وزمنُ الله حاضرٌ دائم " لأن الله "هو الكائن" (عن خروج 3 : 14)، ولأنّ المسيحَ "كلمةَ الله " هو أيضا " الكائن والذي كان والذي سيأتي".
مخلّصنا وربّنا يلد من جديد بيننا:
ميلاد يسوع اليوم يفرض تغييرا جذريّا في حياة بني البشر: "نورٌ عظيم أشرق لنا"، "نحن الجالسين في الظلمات وظلال الموت: نورُ المحبة الإنسانية الشاملة، بدل محبة محدودة ومحصورة بالأهل وبأبناء الديانة الواحدة، نورُ التسامح والسلام واللاعُنف بدل ظلمة الحقد والحرب، نورُ الروح بدل ديجور الجسد. نور الانفتاح والاستقبال وروح الضيافة، بدل الجدران الفاصلة والانغلاق.
"مجداً لله في الأعالي وسلاماً على الأرض لأصحاب الإرادة الصالحة".
"والكلمة صار جسدا" (عن يوحنا 1 : 14). الحدثُ الأعظمُ في التاريخ الإنساني : تأنّس كلمة الله "في ملء الزمان". اصبح لله وجهٌ بشريٌّ ، صار اللهُ إنسانا، كي يسمو بالبشر الى القيم الالهية!
هذا التجسّد الذي يفوق إدراكنا هو أسمى ما في ديانتنا المسيحية. تأتي صحتُه وحقيقتُه من تدبير الله الخلاصي وخِطّتِه لافتداء البشر. أكده الرسل بأقلامهم وشهدوا له بدمائهم.
تواضع الكلمة المتجسد درسٌ دائم لنا ودواءٌ لداء الكبرياء فينا:
ترك الكلمة الازلي عرشه وعظمته وتأنس طفلا في مذود فقير. فلو تراءى لنا في ملء ألوهيّته لَبَهَرَنا بضيائه الساطع. ولما اعتبرناه واحدا منّا ومن أسرتنا البشرية. وصارَ مولدُه المتواضع عِبرةً لنا، فإذا كان الإله قد غدا أفقر الفقراء وأكثرَ المعوزين حاجةً، فلا مجال أمامنا، حتى نسير في طريقه وندخل سعادته الأبدية، إلا بقهر كبريائنا وتحلّينا بالتواضع والبساطة، اقتداء بميلاده وحياته البسيطة، حيث قَنُع من العيش بالكفاف، "وقد افتقر وهو الغني ليغنينا بفقره". وما المشاكل المادية التي يعاني منها العالَمُ اليوم، إلا نتيجةً لتناسيه الفقراء، وسيبقى عيد الميلاد الصرخةَ الإنسانية التي تدوّي في ضمير هذا العالم المادي، الذي أرسى قواعده على الغنى والبطش والتسلط .
عندما يرفض البشر أن يتشاركوا في خيرات الأرض بروح التضامن، تصبح أموالهم بلا روح، ويدفعون ثمن ابتعادهم عن الله. لقد حان الوقت بعد الهزّات الاقتصادية والهزائم المالية العالمية، أن يُدرك الناس، أن الاقتصاد بحاجة إلى مرتكزات أخلاقية كالقناعة والمشاركة، لأنه "ما بالخبز وحده يحيا الإنسان" ولا شيء "ينفع الانسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه" (عن متّى 16 : 26).
ميلاد السيد المسيح في وطنه:
باسم جميع أبناء أبرشيتي الموجودين في الأردن وفلسطين وإسرائيل وقبرص، ومن بيت لحم التي ولد فيها السيد المسيح، أتوجّه لجميع المؤمنين في العالم أجمع، وأتوسل إليهم أن يُصلوا من أجل هذه الأرض المقدّسة. فلا زالت هذه الأرضُ في ضيقٍ وعسر. ولا زال قاطنوها إخوةً أعداء، فمتى يعرف الجميع، أن لا قدسية لأرضٍ، ما لم يتقدّس الإنسانُ فيها، ويجد عليها الحرية والعدل والحب والسلام والأمن؟
-كيف نفرح بميلاد المسيح في هذه الأيام، ونحن نرى بأم أعيننا أن المسيح أتى إلى وطنه وما قبله أهل بيته، وأن عدد المؤمنين به في بلاده يتضاءل يوما بعد يوم ؟
-كيف تتم فرحتنا ونحن "نعطي المجد لله في الأعالي"، لكننا لا نرى "على الأرض السلام "، ولا المسرة والرضى بين الناس؟
-كيف نفرح لعيد الميلاد، ونحن نرى مأساة الميلاد تتكرّر، فالكثيرون من مواطنينا لم يعد لهم مسكن يأويهم. فالبيوت تهدم أو تغتصب، والأهالي تُشرّد، ولم يبق من خيار للكثير من أبنائنا إلاً الهجرة، تاركين وراءهم أرض الميلاد وأرض الأجداد.
-كيف نفرح بعيدنا هذا وقد مضى عام كامل على حرب ومأساة غزة، دون أن ينفك الحصار الخانق، ودون أن نعطى حرية التنقل والسفر، ودون ان يلتئم شمل الاخوة.
ومع ذلك لن نتوقف عن الصراخ والنشيد:
- "يا ليتك تشق السماوات وتنـزل!"، "أقطري أيتها السماوات من فوق ولتمطر الغيوم الصدّيق".
- ولن نتوقف عن إضاءة شمعة الميلاد في مدن الأردن وفلسطين وإسرائيل، علامة الفرح والرجاء لمستقبل أفضل.
- ولن نتوقف عن تهنئة بعضنا لبعض لعيد سعيد وسنة جديدة ملؤها السلام وراحة البال.
يا رب، أنت عيمانوئيل أي "الله معنا". نسألك أن نبقى نحن معك، وأن تقود بالنجم والنعمة إلى مذودك، الجماهيرَ الغفيرة المتصارعة، أن تقود إلى مذودك، رؤساء الحكومات ومن بيدهم مصير البشر، علّهم يتذكروا رسالة الميلاد، رسالة التواضع والطفولة والكرامة.
في ليلة الميلاد هذه، مع كلّ الإرادات الطيبة نصلي "في سبيل سلام المدينة المقدسة وفي سبيل سلام الشرق الأوسط". نستعطي سلاماً "ليس كما يعطيه العالم" مرتكزاً على القوّة والعنف والإذلال، بل كما يريده الله، سلاما ينطلق من العدل ومن كرامة الإنسان. فأمامَ كل الشرور المتواجدة في العالم، وأمام المصالح اللاإنسانية، وأمام صمت الحق والعقل، والاحتكام إلى الأسلحة المدمرة، نسأل طفل بيت لحم، مع جوقة كل الأطفال الأبرياء، أن تبزغ على أرضنا، شمسُ العدل والمحبة والحياة، لتطرد شبح الدمار والموت، لعلّ أطفالَنا وأطفالَ غزّة وكل من حُرم من العدل والدفئء، يتذوقون طعم العيد ومعنى شجرة الميلاد وأنوارها.
يا طفل بيت لحم لقد تعبنا من وضعنا، وتعبنا من الانتظار وتعبنا من الخطابات، وتعبنا من المواعيد ومن المفاوضات والمؤتمرات. يا طفل بيت لحم، أعطنا صبرك ومحبتك ووداعتك. ليت هذا العام الجديد يكون العام المنشود الذي تتصافح فيه الأيدي ـ وتصفو النيّات، وتتلاقى القلوب، وتزول الانقسامات وتُهدم الجدران، وتبنى جسور التفاهم والمصالحة والتلاقي بين الناس.
أيها الأخوة والأبناء الأحباء،
لتساعدنا النعمة الإلهية، "ومحبة الله للبشر أجمعين، على اختلاف دياناتهم وجنسياتهم، على نشر ملكوت الله والسعي للسلام. ولنعمل، كلٌّ في ميدانه، على إحلال "ملكوت المحبة والعدل والاستقرار، ونحن نعيش اليوم وكل يوم، أحداث عيد الميلاد، فنرى في كل إنسان، رجلا كان أو امرأة، صورة ووجه المسيح يسوع ابن بلدنا القائل:"طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض. طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون".
وكل عام وأنتم بألف خير وسلام. أمين
† البطريرك فؤاد الطوال
بطريرك الكنيسة الأورشليمية للاتين
تعليقات