القناع بقلم رامى جلال

كانت تجلس معى في نفس العربة وقد توارت تماماً خلف السواد, لم يظهر منها غير عينيها, وبالطبع لم أستطع تبين ملامحها.. الطريق طويل والمشوار يستغرق حوالى الساعة, وعلى مدار الرحلة ترجل الركاب واحداً تلو الآخر, ولم يبق في النهاية سوانا.. كان السائق ينظر في مرآته من فترة لأخرى "ليؤمن" علينا; فالسائقون في مثل هذه الحالات يخشون تحول عرباتهم إلى "ملتقى العشاق".. كنت أختلس النظر إلى عينيها بين الفينة والأخرى وقد بادلتنى نظراتى أحياناً, شعرت أنها أرادت تبادل أطراف الحديث إلا أن أعرافاً معينة قد منعتها من ذلك..لم تكن تصدر أية إشارات من هذا الجبل الأسود الجالس بجانبى, فقط بعض التنهدات من فترة لأخرى, ربما بفعل الحر.. كنت أعرف أن هذا السواد يخفى خلفه ملامح رقيقة أجبرتها الظروف على التوارى.. هذا الجسم الضئيل الجميل وتلك العيون الزرقاء السماوية يشيان بما تحمله صاحبتهما من نقاء وصفاء, لم يكن جسمها فائراً ولكن تولد عندى شغب لأتعرف على ما يخفيه هذا الساتر.. ثم عرفت فقد حان دورى في النزول, فطلبت من السائق التوقف, وحين غادرت العربة كان الهدوء يلف المكان, ولم أسمع شيئاً سوى صوت السائق مخاطباً الجبل الأسود القابع في العربة:- "أجهز.. خلاص عدينا كمين الشرطة يا مدبولى".رامى جلال

تعليقات

‏قال غير معرف…
حقيقى مقال مميز, تحية للكاتب الجميل.
‏قال غير معرف…
حقيقى مقال متميز.. تحية للكاتب.
‏قال غير معرف…
يعنى طلع راجل وهربان من الكمين هههههههههه ربنا يستر علينا بقى
‏قال محمد حمدي
تحفه رائعه بجد

تحياتى

المشاركات الشائعة من هذه المدونة