القاهرة - مصطفى سليمان
أفتت جمعية أنصار السنة بمحافظة دمنهور، شمال العاصمة المصرية، بجواز توريث الحكم من الرئيس المصري حسني مبارك إلى نجله "جمال"، فيما يعد أول فتوى دينية تصدر بشأن رئيس الدولة في مصر منذ نهاية الحكم الملكي في عام 1952.وقال الشيخ محمود لطفي عامر رئيس الجمعية المعروفة بانتسابها للتيار السلفي، وصاحب الفتوى "إنها ليست ابتداعا أو اجتهادا جديدا، وإنما ما استقر عليه السلف الصالح، وهم خير القرون الثلاثة الأولى المفضلة من تاريخ الإسلام"، ووصف الرئيس مبارك بأنه "أمير المؤمنين".وشرح ما يعنيه في تصريحات لـ"العربية. نت" بأن كلامه ينصب على موقف السلفيين من قضية التوريث، والتي ما زالت تشغل الرأي العام المصري رغم حسم الدستور لهذه القضية.وعرف الشيخ عامر السلفيين "بأنهم الذين يدعون لفهم الدين وفق فهم الصحابة والتابعين وتابعي التابعين".
لم أفت ببدعة
وعن الأسس الشرعية التي استندت إليها الفتوى أضاف، "ما قلته ليس بدعا فقد توفي الرسول ولم يستخلف أحدا بعينه تصريحا، وإنما قدم أبا بكر الصديق لإمامة الصلاة أثناء مرضه تفضيلا، فأخذ المسلمون أولويتهم بالخلافة فبايعه المسلمون الأوائل، ثم استخلف أبو بكر عمر رضي الله عنهما، واجتمع المسلمون على ذلك، ثم جعلها عمر في ستة، فاختير من الستة عثمان رضي الله عنه ثم استشهد ولم يستخلف، واختار المسلمون عليا بن أبي طالب ولم يستخلف هو أيضا، ثم اختار المسلمون الحسن بن علي حتى انتهى المقام بتنازل الحسن، وسمي هذا العام عام الجماعة". وأكد الشيخ عامر لـ"العربية. نت" أن اختيار الخليفة أو الحاكم ليس فيه نص شرعي صريح، ولو كان الأمر كذلك لحسم الأمر في خلافة أبي بكر وما بعدها، فدل ذلك على أن الأمر خاضع للاجتهاد من أهل الاجتهاد. وأضاف "أن التوريث بدأ في عهد معاوية رضي الله عنه ولم يعترض غالبية الصحابة وعلى رأسهم ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، وعد هذا الأمر اجتهادا من الخليفة معاوية، ولعدم شق عصا الجماعة وافق المسلمون على ذلك، واستمر الحال قرونا باستخلاف ولي للعهد ولم ينكر هذا الصنيع أي إمام من أئمة أهل السنة والجماعة، كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل". وانتقد الشيخ عامر "من يثيرون الناس على مسألة توريث جمال مبارك الحكم"، وتابع "مبلغ علمي لا يوجد نص دستوري يمنع جمال مبارك بعينه من تولي الحكم باعتباره مواطنا مصريا توافرت فيه الشروط الدستورية المعروفة".وقال "ان ورث مبارك ابنه فقد ورث من هو خير منه قبل ذلك، ولم يعترض عليه الصحابة وهو معاوية كاتب الوحي، فماذا تقولون ولماذا لا تعترضون؟".
سنسمع ونطيع لجمال مبارك
وأكد الشيخ لطفي عامر أن الفتوى التي قالها بجواز التوريث شرعا "جاءت لدرء فتنة الصراع على السلطة، فإن تولاها جمال مبارك فإننا معاشر السلفيين سنسمع ونطيع في المعروف لجمال مبارك".وأصر عامر على فتواه "متحديا أي عالم شرعي يخطئ ما ذكرت، أنا لا أناقش صلاحية جمال مبارك للحكم من عدمها، فهذه ليست قضيتي، ولكنى أبحث في الموقف الشرعي من نظام الحكم، وإننا نتعامل مع واقع كما فعل الصحابة أنفسهم لدرء فتنة الصراع الذي تسفك فيه الدماء".وتابع الشيخ عامر حديثه قائلا "إن عقيدة السلفيين تحذر العلمانيين والإسلاميين من هذا الصراع، فتقرر هذه القاعدة التي نص عليها الإمام أحمد في أصول السنة، وهي السمع والطاعة لأمير المؤمنين، سواء كان أميرا ببيعة أم بغلبة، وعدم جواز الخروج عليه، فهذه عقيدة الإسلام تجاه الحاكم، سواء كان بارا عادلا أم غير ذلك، وسواء جاء للحكم ببيعة وشورى، أم جاء بغلبة وسيطرة ودانت له المؤسسات العسكرية والمدنية". وطالب الشيخ عامر لطفي المعارضين أن يأتوا بنص شرعي خلاف ذلك، وقال "ما يقال عن الدستور فلا شأن لي به يسأل عنها غيري". وعن مبرر اطلاقه لقب "أمير المؤمنين" على الرئيس مبار ك، قال الشيخ لطفى عامر "إن الذى أطلق هذا الوصف وسمى الحاكم أسماء متعددة هو الرسول فى الأحاديث الصحيحة، ومن هذه الأسماء (أمير، ولي الأمر، والسلطان، خليفة، ملك)، فهذه الألقاب هي التي أطلقت على من تولى أمر المسلمين في بقاع الأرض".وتابع بأن "كلمة أمير مضاف، والمؤمنين مضاف إليه، أي أن صفة الحاكم من صفة من أضيف إليه، فلست أجد أي وجه للاعتراض، وقد كان أئمة المسلمين يطلقون هذا اللقب على الحكام الصالح منهم والطالح، فإذا استحدث الناس لقبا آخر كالرئيس أو خادم الحرمين فلا مانع".
تعليقات