مشروع بيان
حول الاعتداءات الأخيرة على مسيحيين
في غضب شديد وحزن والم لما آلت اليه الاوضاع التي طالما حذرنا من عواقبها، تابعت "مصريون ضد التمييز الديني" (مارد) بقلق عميق الأنباء الواردة عن الاعتداءات التي تعرض لها عدد من المسيحيين في مناطق مختلفة من مصر. فقد روع المصريون بالمذبحة البشعة في الزيتون التي استهدفت محل جواهرجي ونتج عنها مقتل صاحبه وثلاثة عمال آخرين، كما بالسطو المسلح الذي قام به ثلاث أشخاص أحدهم متنكر في زي سيدة منقبة على محل مجوهرات آخر في قسم اللبان بالإسكندرية كما بالاعتداء الآثم على دير أبو فانا بالمنيا الذي نتج عنه إصابة أربعة رهبان وخطف ثلاثة آخرين تعرضوا لتعذيب بشع من قبل الجناة قبل أن يطلق سراحهم، والذي يعد حلقة في سلسلة الاعتداءات على الدير الذى يكافح لاستخراج تصريح بناء سور لحماية رهبانه.
رغم أنه لم يتضح، من التحقيقات والمعلن من انباء حتى الآن، وجود رابط بين الاعتداءات الثلاثة التي وقعت في غضون بضعة أيام، ولم تتضح حتى الآن شخصية الجناة، إلا أن استهداف المسيحيين سواء بغرض القتل كما في حادث الزيتون، أو بغرض السرقة كما في حادث الإسكندرية، أو كعمل من أعمال البلطجة كما في حادث دير أبو فانا بالمنيا لا يمكن فهمها بمعزل عن السياسات الحكومية التي أدت إلى الأزمة المجتمعية الشاملة التي نعيشها في مصر، ولا بمنأى عن الأكاذيب التي تزعم أن المسيحيين هم الممسكين بثروة مصر وأنهم يمتلكون 30% من الاقتصاد المصرى، وهو ما يعد تحريضا صريحا للشباب العاطل الفقير والمضلل من قبل قوى التطرف والغلو، كما يعتبر محاولة خبيثة لتصريف التوتر بين الأغنياء والفقراء فى مصر - وهو أمر طبيعى فى كل المجتمعات – إلى قنوات طائفية تجعل منه صراعا بين مسلمين ومسيحيين.
إضافة إلى هذا فإن الاستبداد السياسي وعصف النظام بالحياة المدنية المصرية وبمنظمات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات، وما يشاع في الاعلام والتعليم من تاجيج للعنف الديني برعاية من الحكومة المهيمنة علي هذين المنبرين قد أدى إلى احتدام التمييز الديني والفرز الطائفي من ناحية وإضعاف المؤسسات التي كان يمكنها أن تتصدى له من ناحية أخرى واخيرا الي ارتكاب الجرائم التي تستهدف الامن القومي. فالجريمة هي جريمة وليس لدين او عقيده حماية المجرمين علي حساب الاديان الاخري.
إن مصريون ضد التمييز الديني يدينون تخاذل أجهزة الأمن الذي يصل إلى حد التواطؤ خاصة في حادثة دير أبو فانا الذي تكررت الاعتداءات عليه ووصلت إلى ثمانية عشر مرة خلال الخمس سنوات الأخيرة من قبل شخصيات بدوية معروفه بالاسم والشكل والشهرة، بخلاف الأحداث الأخرى التي شهدتها محافظة المنيا ومنها ما وقع بجبل الطير وطهنشا وطحا العمودين وغيرها، وتندد بتعامل أجهزة الأمن الهمجي مع مظاهرات الشباب المحتجة على الاعتداءات على الدير.
كما يدينون التغطية الصحفية والإعلامية غير المهنية وغير الأمينة (باستثناء نماذج قليلة) لاحداث أبو فانا الأمر الذي وصل إلى حد ترويج الأكاذيب وتصوير الموضوع وكأنه صدام بين طرفين وإدعاء حدوث تبادل إطلاق نار بين البدو ورهبان الدير، هذا في الوقت الذي لا يمكن وصف الأحداث إلا باعتبارها اعتداءات على أناس مسالمين بغرض ابتزازهم من قبل قطاع طرق يراهنون على الافلات من العقاب بفضل ديانة المجني عليهم.
ولهذا يطالب مصريون ضد التمييز الديني السلطات المختصة بتطبيق القانون الجنائي على المعتدين بغض النظر عن ديانتهم أو ديانة المجني عليهم، اعمالا بالدستور الذي يساوي بين الجميع امام الدولة والقانون والعدالة والا فان القانون سيصبح في يد جماعات الارهاب ونتحول الي افغانستان اخري، كما نطالب وسائل الإعلام بتحري الصدق والتزام المهنية والبعد عن التمييز الديني، لأنه بدون الدور الواعي والصادق لوسائل الإعلام ستظل أغلبية شعبنا مغيبة عن الحقيقة وغير مدركة لحجم الجرم الذي ترتكبه أطراف في الدولة وفي المجتمع ضد أخوة لهم في الوطن، الأمر الذي يضعف سيادة الدولة المصرية ويهدد وحدة مصر الوطنية.
وأخيرا، يطالب مصريون ضد التمييز الديني منظمات المجتمع المدني بالذهاب إلى مواقع الأحداث وإعلان تضامنها الكامل مع الأهالي في مطالبتهم بحقوقهم الدستورية في الأمن والأمان وفي حماية أرواحهم وممتلكاتهم مع رفض تام للافكار التي تستخدم الدين كستار لارتكاب الجريمة.
مصريون ضد التمييز الديني
5 يونيو 2008
تعليقات